﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

لم أعتد أن أستيقظ متأخراً، فيومي الجامعيّ يبدأ من الساعة الثامنة صباح كل يوم ..

كانت ليلة البارحة اسوأ ما مرّ في حياتي كلها ..

نهضت من سريري، و لمحتُ نفسي في مرآة غرفتي الكبيرة، لأرى شحوباً يغطّي معالم وجهيَ البائس ..

كان مفتاح سيارته على المنضدة أمامي، ولازال ( صليبه ) الذي أهديته إياه في إحدى أعياد الميلاد المجيدة، موجود في تعليقة المفتاح نفسه ..

حملته بيدي، و أرجعته بعد أن قّبلت ( الصليب ) ودعوت الرب من أجله، تنهدتُّ بكامل قوتي، ثمّ خرجتُ من غرفتي، لأجد عائلتي في مشهد غريب ..

أجواء ذات مشاعر مختلطة، بين الحزن على ما فعلوه بأخي، و بين النصر بين عشيرتنا التي تقر علينا الالتزام بقوانينها ..

لم تنبسّ مني أي كلمةٍ، فقد كنتُ أختهُ الصدوقة دائماً، وصدمتي بما فعل بنا لا أكاد أصدقها إلى اللحظة ..

______________

____________

قبل عامين <<

كانت مرحلتي الجامعية في أيامها الأخيرة، الأجواء الاحتفالية تغمرُ قلوب الخِرّيجين، والحُزن يُخيّم على وجوه من سيفتقدنا بعد التّخرج ..

رامي : اراكَ تجلسُ وحدك، ما بك ؟

إسلام : لا شيء، فقد اتأمل المكان

رامي ( نظرة تأملية بنفس الإتجاه ) : معك حق، قضينا أيام مميزة من عمرنا فيه، ولعلّ جزءاً منّا سيرسخ هنا

إسلام ( ابتسامة واثقة وعيوني على رامي ) : أفهم ما تعنيه جيداً

رامي ( بادلني الابتسامة ) : …

رامي، ذلك الشاب المجتهد الذي كانت صداقته بالنسبةِ إليّ شيئاً جديداً لم أعتد عليه في حياتي، وأضافَ لقلبي حبّاً من نوع آخر لم أكن لافهمه لو لم أعاشرهُ ..

_________________________________

ما أجمل حياتي الجامعيّة، لم أكن أظن أنني سأنضم لمثل هؤلاء الفتيات المميزات ..

فبداية دخولي للجامعة، كانت الاوقات تمر عليّ برتابة وبدون هدفٍ يُذكر ..

صفاء : كيف حالك يا رهف ؟

رهف : الحمدلله، أين البقيّة ؟

صفاء : ذهبن للوضوء، فقد حان وقت صلاة الظهر، هل أنتِ جاهزة ؟

رهف ( بثقة ) : لا شكّ في ذلك، فأنا أنتظركن منذ بُرهة

لم يمضِ وقتٌ طويل، حتى تجمع أكبر عدد ممكن من طالبات كليتنا، وبعضٌ من طالبات الكليات المجاورة اللواتي يقصدن المصلّى يوميّاً لأداء صلاة الجماعة ..

ارتديتُ ملابس الصلاة فوق ملابسي الاعتياديّة، و قفتُ أمام مرآة صغيرة لأتأكد أن كل شعري قد تمّ تغطيتهُ ..

أتممت الصف، وأنزلت رأسي بخشوع انتظر تكبيرة الإحرام من صفاء، بعد أن تنتهي هبة من إقامة الصلاة ..

صفاء : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. السلام عليكم و رحمة الله

انهينا صلاتنا بما فيها السنن، واستعددنا لحلقة الذكر التي تقوم بألقائها كل يوم أحد من كل أسبوع طالبة من ( لجنة المُصلّى ) ..

وكان موضوعها اليوم عن ( لا يُغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما في أنفسهم )، ألقتها على مسامعنا صديقتنا صاحبة الصوت الشجيّ في تلاوة القرآن ( إيناس ) ..

هبة : جزاكِ الله عنّا كل خير يا ايناس، لقد كان كلامك مؤثراً

رهف : أحببته جداً، و كل شيء منكنَّ أحبه

إيناس : ونحن نحبك أيضاً يا رهف

نزعت ملابس الصلاة، أعدت ترتيب شعري وملابسي، ودعتهنّ، و انطلقتُ لحضور ما تبقى لي من محاضرات لهذا اليوم ..

كان يقف امام باب المصلى حشد من طلاب كليتنا الذكور، لم استطع تجاوزهم بسهولة، لأن بعضاً منهم يقف ويحادثني قليلاً عن بعض الأمور الجامعيّة التي تجمعنا ..

_________________________________

يعقوب : ما بالك يا إسلام لم نسمعك تجادل ذلك الكافر مجدداً

إسلام : دعك وشأنه، إن آخر ما يهمني هو جداله

عامر : تقصد أنه لم يعد يجد حججاً يجادلك بها

يعقوب : ما انفك يسال اسئلة غبية مثل منهجهه، ولا يدري أن لعنة الله عليه ليوم الدين

إسلام : المصارحة بمثل هذه الفتاوى قد تسلك طريقاً سلبية للدعوى، لا تستمر على هذا النحو يا يعقوب فإن الرسول الكريم اوصانا

يعقوب / عامر ( مقاطعين ) : عليه الصلاة والسلام

إسلام : بشّروا ولا تنفروا

عامر : صدق رسول الله، لاحظت أن رامي يبادلك أطراف الحديث دوماً ومحبتك في قلبه قد علم بها معظم الطلاب

يعقوب : لا أنصحك بالثقة به، نهى الله عن موالاتهم وأوصانا بذلك في قوله تعالى ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} (الممتحنة:1).

عامر : نعم، ربما يكون من المستشرقين الذين يظهرون محبتهم للمسلمين والاسلام، ظِهرياً

يعقوب : ولا تنسى أنه صديق ذلك المدعو ( رمزي ) ومجموعته

إسلام : لا أجادلكم بمثل هذا الحكم، فأنا لا اوالي احداً منهم، لكن لا تنسى قول الله {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} (الممتحنة:8)

يعقوب : وما ادراك انه لا يقاتلك؟ فوالله لا يبرح أحدهم حتى يتمنى للمسلمين كل ما هو شرٌّ لهم وأذى

_________________________________

هبة : ما رأيك؟ اجدها ترغبه لكن شيئاً ما يمنعها من الالتزام به

إيناس : ربما تريد أن تلتزم بشكل كامل، ولا تكون مثل باقي الفتيات المتبرجات، اللواتي لا يجدن أي مشكلة في الاختلاط ومحادثة غير المحارم من الرجال

صفاء : ههههه على رسلكنّ، فما كان دينُنا إلا دينَ يُسرٍ، ومن ينوي التغيير فإن مِحِلّها هو القلب، والله أعلم بكل امرئٍ بما نوى

هبة : لا أعارضكِ يا صفاء، لكن التغيير يحتاج إلى شرارة، وقد تكون الشرارة على يد إحدانا

صفاء : من يدري، فربما يُسخّر لها الله شخصاً من حيث لا نعلم

إيناس : من الأفضل أن ندعو لها ولفتيات المسلمين بالهداية

أتجاذب أطراف الحديث مع صديقتيّ اللتين عرفتهما منذ أربع سنوات، فكل ما يجول بخاطرنا نبوح به لعل إحدانا تقدم نصيحة للأخرى حتى نبتعد عن ما هو فيه أثم، فلا شك أن بعض الظن إثم كما أخبرنا الله في كتابه ..

صفاء : سنسبقك إلى القاعة يا إيناس

إيناس : حسناً، اراكم بعد قليل باذن الله

هبة : السلام عليكم

كنت رئيسة لجنة المصلى بعد أن تم أختياري من بين المتطوعات، أدير شؤون المصلى على حساب راحتي، لا أهدأ حتى أنهي ترتيبه، ونشر اللوحات والزينة في أرجائه، لجعله أجمل ركن في الكلية كلها ..

_________________________________

رمزي : أين ذهبوا أولئك البلهى؟، منذ زمن لم أرَ أحداً منهم يهتمُّ بي

رامي ( بغضب ) : لمَ تنعتهم بتلك الألفاظ؟ الا تظن أن الأبله بينهم هو أكثرنا تفوقاً في تخصصه، وأفضل سمعة أخلاقية على مستوى الجامعة؟؟!

جوزيف : ألن تكفّ عن الدفاع عنهم؟

رامي ( بثقة ) : لا

رمزي : أكَذِّبُ عيني التي ترى صليبك الذهبي معلقاً برقبتك، وأخالك واحداً منهم

رامي : نعم أحمل الصليب، واؤمن بوجود إله لهذا الكون خلقني و خلقك، على الأقل هذا ما يميزني عنك

جوزيف ( بدهشة ) : وتؤمن بالبعث؟ وعذاب القبر كما يدّعون

رامي : … لا اعلم

رمزي : حسناً، لنرَ ما سيقوله القسيس عنك عندما يسمع أقوالك

رامي ( بلا مبالاة ) : افعل ما تشاء، لا أحد يستطيع أن يوقفني عن التفكير

_________________________________

عامر : أكثر ما يشغل بالي هو اهتمامه بتلك الفتاة، ألا يعلم أنها مسلمة؟

إسلام ( بحسرة ) : لا شيء فيها يدل على اسلامها، سوى عائلتها على الهوية

يعقوب : وما أكثرهم في هذا الزمان

عامر : ها هي تناقش هذا، و تحاور ذاك و …

إسلام ( يقاطعه بسرعة ) : كفاك استغابة بها، تحلى بأخلاقك الحميدة فضلاً عمّا تقوله وادعُ لها بالهداية

________________________________

إسلام / عامر : السلام عليكم

رامي : وعليكم السلام، تأخرتم

عامر : لم يحضر الاستاذ بعد

رامي : رمزي يفتقدك يا إسلام، فلم تعد تهتم به ههههههه

كنتُ تائهاً بما قاله يعقوب لي قبل لحظات، فلم نعتد أن نرى نصرانياً يشُدُّ على أيدينا، ويوافقنا الرأي في مجادلة نثبت فيها أن الدين عند الله الإسلام ..

عامر : من قال انه يهتم به؟ هو من كان يبدأ بالجدال معه

رامي : ويعقوب لماذا لا يحاوره؟ ربما يقتنع على يديه

إسلام : … استغفر الله العظيم

ولأن يعقوب كان متشدداً، يرتدي ثوبه القصير، يطلق لحيته لتطول ويكحل عينيه؛ لا يرد حتى تحية الإسلام على أي شخص لا ينتمي لدينه ..

لذلك فلن يقتنع أن رامي لا يكنّ لي إلا المودّة، و يبادلني الاحترام ..

_________________________________

صفاء : منذ زمن لم نشهد مشادّة كلامية بين إسلام ورمزي

هبة : كم استمتع بهزيمته

إيناس : ولأنه يهاب الهزيمة، قام بتجنّب إسلام قدر استطاعته

صفاء : يا له من شاب مميز، كثّر الله من أمثاله

المفارقة بين مجموعة من طلاب تخصصنا مثيرة للاهتمام؛ لا نكاد نسمع طعنات ( رمزي ) بحق الله وخلقه، حتى يلهم الله ( إسلام ) بكلام وأدلة تثبت العكس ..

وسطية الدين، والابتعاد عن الشُّبهات، تسيطر على شخصيته ..

فنراه شاب متزن، ملتزم، ذو ملامح تبعث الاطمئنان لقلب الذي يراه، وصوته الجهور في قول الحق يزيد من بهجة حضوره ..

هبة : ما زال يعقوب يتجنب الحديث مع أي أحد لا يعتنق الاسلام

إيناس : سالتُ والدي عن شأنه، قال لي لو أن كل داعية رفض الحديث مع غير المسلمين لما انتشر الإسلام في الارض

صفاء : ربما هو ليس بداعية، ولا يهمه إن دخل أحد الاسلام على يده

هبة : وما الذي يمنع أن يكون داعية؟ أنظري إلى رامي فإنه يتعمد الجلوس مع إسلام وعامر قدر المستطاع، وما أظنهما كارهين له

إيناس : انتِ محقة، ولا أستبعد أن يكون متأثراً بكلام إسلام مع رمزي وحواراته، وربما بدأ قلبه يلين

صفاء : اسأل الله له الهداية

لا زال قلبي يخفق كلما تذكرت رهف، هل يمكن أن يكون حدس هبة وإيناس في محله؟، أم انها مجرد شكوك نشأت من تعاملنا معها وشعور الطمأنينة الذي نبثّه لها جعلنا نعتقد أنه من السهل تغييرها ..

_________________________________

عامر : لا تحاول انكار الحقيقة، أنا أراك دائما مهتم بها دوناً عن الأخريات

رامي ( بخجل ) : وماذا عساي أن أفعل بقلبي؟ لقد اختارها وانتهى الأمر

إسلام ( باستنكار ) : ما بك؟ أنسيت أنها مسلمة؟ وديننا يحرّم على نسائه الزواج الا من المسلمين

رامي ( باستياء ) : وديني أيضاً يمنعني من هذا الزواج، لكن ما الحكم من تحريمه عندكم؟

إسلام : إنّ الحكمة من تحريم زواج المسلمة من شخص غير مسلم أو كتابي، هو أنّ الإسلام دين يعلو ولا يُعلى عليه، وإنّ للزوج فيه قوامةً على زوجته، وهذا أمر ممنوع في حقّ من كان كافراً، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) سورة النساء، 141

رامي : … انا كافر!

اسلام / عامر : مشرك بالله

رامي : …

عامر : اذاً انتهى الأمر، بعد أسابيع قليلة تتخرج وتنساها

إسلام : أو

رامي ( باهتمام ) : ماذا؟

عامر : إسلام! أكمل ماذا دهاك ؟

إسلام ( بتردد ) : لا، لاشيء .. انتبهوا لقد حضر الاستاذ

رامي / عامر : …

تنهدت في داخلي، ودعوت الله أن يهون عليي ما أفكر به ..

لم يكن الأمر سهلا البتّة، لكني أفكر كثيراً بها وما هو موقفها من اهتمام رامي بها؟، هل تبادله الاهتمام ام لا تفكر به اطلاقاً من هذه الناحية كونه من غير ديانة؟! ..

قاطعني عامر في تفكيري ..

عامر : تعتقد أن رسالتك الضمنية أثرت عليه؟

إسلام : أدعو الله أن يهديه، لكني لازلت لا أملك الجرأة أن أعرض عليه الاسلام بشكلٍ مباشر

عامر : ترى ما رأي الفتاة بكل ما يدور من وراءها؟

إسلام : ومن أين لي أن أعرف رايها؟ فأنا لا أحادث أي من الفتيات كما تعلم، حتى وجودها بينهن يمنع اي شاب من الحديث معها

عامر ( القى نظرة سريعة على صفاء / هبة / أيناس ) : تبدو سعيدة جدا بمرافقتهن، بالرغم انها تصغرهم سناً ولا تقضي معهم وقتاً طويلاً

إسلام : أرجو أن تتأثر بهنّ، وتعطي صورة حقيقية عن دينها

كانت صفاء تتميّز بخمارها، هدوئها، اجتهادها، ومحبة الجميع لها ..

واعتدنا على هبة بحجابها الابيض وجلبابها الفضفاض، صوتها الناعم، ومساعدة كل من يحتاجها، وإيناس لا تختلف عنهن ..

اما رهف تنثر شعرها الطويل وتتزين بمساحيق التجميل، وتفوح رائحة عطرها لتنساب إلى احشاء كل من تمر بجانبه، ليزيد التفاته اليها ويُفتن بحُسنِها الذي صورها الله به وجعلها في أحسن تقويم ..

_________________________________

#مستوحاة_من_الواقع

يصعُب عليّ أن أعترف داخلياً بأن عقلي مشوشاً، و أفكاري بدأت تختلف بعد تلك القصة التي سمعت بها قبل عدة أشهر ..

عندما أخبرتني أختي ( ميرنا ) أن صديقة العائلة عند موتها، واثناء عملية تجهيز الدفن والباسها أفضل ما لديها وتعطيرها بأطيب العطور -عادات النصارى عند الموت- لاحظوا شيئا غريبا عندما ودعوها قبل الدفن ..

ميرنا : ماذا حدث لِيَدِها ؟

أم حنا : إنها مجبّرة بسبب كسر في الاصبع

ميرنا : كسر! اصبع؟، كيف ماتت؟

أم حنا : لا لا لم تمت بأي حادثة، لكن أثناء تغسيلها كانت ترفع اصبع يدها ( السبابة )، ولم يستطع احد ان يغيره لذلك اضطروا لكسره

رامي ( بحيرة ) : ولماذا ترفعه؟

ميرنا : لا أحد يعرف

رامي : …

من ذلك الوقت وأنا أريد أن استفسر عن أمرها، ولكني لم أجد أحداً يمكن أن يفهم سؤالي من رجال ديني ..

_________________________________

هبة : تلاحظين أن رهف تستجيب لنظرات ذلك الشاب

إيناس : لا أدري، ربما يظنها من ديانته

هبة : يجب أن ننبهها إن كانت تظنه مسلماً، حتى لا تتعلق به

إيناس : مسلماً أو لا، ففي الحالتين يجب أن لا تعلق قبلها بأحد

هبة : لنخبر صفاء حتى ترشدها

_________________________________

كنت أجلس في إحدى القاعات الفارغة، أقلب بين أوراقي استعداداً للامتحانات ..

صفاء : ما بك؟ تبدين شاحبة اليوم

رهف ( بحزن ) : نعم، فأنا لست جيدة أبداً

صفاء ( بقلق ) : هل حدث لك مكروه لا سمح الله؟

رهف : أريد أن أخبرك عن شيء يحدث معي، ربما أجد عندك حلاً

أخبرتُها بكل ما يجول في عقلي، وطلبتُ منها حلاً ..

صفاء ( بحيرة ) : رهف! لن أقول لك شيئا فأنتِ تعلمين جيداً أن هذه الأمور فيها شُبهات، فالحلال بيّن والحرامُ بيّن وما بينهما أمور مشتبهات، فاجتنبوها

رهف : …

صفاء : ولا تنسي أن النظرة الأولى لكِ والثانية عليكِ

رهف ( باستغراب ) : لم أفهم؟

صفاء : أقصد أن أول مرة تقابلت أعينكم لا تحاسبي عليها لأنك لم تقصدِ تلك النظرة، أما إذا تكررت نظراتك إليه فإنك آثمة

رهف : شكراً لك يا صفاء، فأنت دائما ترشدينني

كانت كلمات صفاء في وقتها، لا أعلم ما الذي يريده ذلك الشاب؟، وما يقصده من نظرات ..

المهم أنني عرفت الصواب، ولن أسمح له بالتمادي ..

لكن لم أعرف لماذا دققت في أن تعرف من هو الشاب الذي أتكلم عنه ..

_________________________________

صُدمت بما قالته لي رهف، فلم أتوقع أنها لم تنتبه لتلك السلسلة التي يرتديها ..

هبة : لا تعلم؟

صفاء : لا

إيناس : وهل اخبرتيها بالحقيقة؟

صفاء : لا

إيناس : وكيف لها أن تعرف به أو يعرف كنيتها، فهما من دفعات متباعدة ولا تجمعهم أي محاضرة

صفاء : محقة، و لأني أحببت أن أوصل لها بأن كل الموضوع هو من الشُّبهات التي يزينها لنا الشيطان، فمهما كانت ديانته فالأمر مرفوض

هبة : نعم وهذا ما فكرنا فيه أيضاً ولكن من الصعب على فتاة مثل رهف أن تقتنع بكلامك من ناحية دينية

إيناس : على العكس يا هبة، لو لم تقتنع لما أخبرت صفاء بما يحدث معها، أظنها لا تفكر بهذه العلاقات

صفاء : يجب أن يعلم ذلك الشاب أن رهف مسلمة، حتى يكفَّ عن ملاحقتها بهذه الطريقة

هبة : أو أن تلتزم رهف بدينها حتى توصل له هذه المعلومة

_________________________________

مضى عليّ وقت طويل قبل أن أتخذ القرار الحاسم، الذي يحدد لي ما إذا كنت أفكر بشكل صحيح وأمشي بالطريق الصواب أم لا ..

أعلم أنه ليس سهلا ًعلى عائلتي وكل من يعرفني؛ أن يتقبل الحقيقة، لكن لا يمكن أن نخفيها عن أنفسنا وننكرها ..

يعقوب : انظرا إليه، يبدو أنه قادم للجلوس معكما

عامر : …

إسلام : وما المشكلة في أن تبقى معنا، من الممكن أنه يحب أن يتحدث معك أيضاً

يعقوب ( باستنكار ) : … أنا؟

عامر ( يؤيد إسلام ) : نعم أنت، دائماً يذكر اسمك أمامنا

رامي ( يقاطعهم ) : السلام عليكم

إسلام / عامر : وعليكم السلام

يعقوب : وعليكم

رامي : كيف حالكم؟

سررت في داخلي أن يعقوب لم يترك الجلسة عند انضمامي إليهم، وكأنه علم ما في داخلي، وعمّا سأتحدث ..

عامر : أراك متوتراً، هل الامتحانات هي السبب؟

إسلام : اذا كنت بحاجة للمساعدة أخبرني على الفور

رامي ( بابتسامة واثقة ) : شكرا لكما فهذا ما عهدته منكم، ولكن في قلبي حديث مهم أرجو منكم أن تسمعوه للنهاية، ففي كلامكم أجد الدواء له

يعقوب ( باهتمام ) : ما الأمر؟

نظرات الاهتمام منهم زادت ثقتي أن أجد الجواب الشافي لكل ما أفكر به، ولكن ما صدمني أن لا أحد منهم استطاع الإجابة، وطلبوا أن أمهلهم بعض الوقت ليتأكدوا من التفسير ..

_________________________________

لم أستطع أن أغمض عيني لو لساعة، فقد استولى على عقلي التفكير، و هيهات أن يتوقف ..

ما قاله لي رامي عن إحدى معارفهم، كان له عدة تفسيرات، منها ما يتخذ طريقه اللافلسفي، ومنها ما يتَّبِعُ أسلوب المعجزة ..

عامر : ستخبر أحد مشايخنا عن هذه الحادثة؟

إسلام ( بحيرة ) : لا أعلم حقاً ما إذا كان الأمر الذي نفكر فيه صحيحاً ام لا

عامر : ولكنها واضحة، السيدة من المحتمل أنها مسلمة بالسر

إسلام : نعم من المحتمل وليس أكيداً

عامر : وماذا لو كان أكيداً؟

إسلام : الله وحده أعلم، فمثل هذه الأمور تحدث مع المسلمين نفسهم

عامر : نعم، لاي درجة إيمانيّة يصل بهم أن يكونوا أمواتاً وعند تغسيلهم ونطق الشهادتين عليهم يرفعوا أصبع التشهد؟

إسلام : درجة إيمانية لا يعلم بها إلا الله

عامر : اللهم ثبتنا على دينك الحق

إسلام : آمين، نسأل الله حسن الخاتمة، ونعوذ به من عذاب القبر

_________________________________

آخر ما كنت أتوقعه من نفسي، هو أن أتشارك الحديث مع ذلك النصرانيّ ..

لم يدخل عقلي أن أحداً منهم يمكن أن يحمل في نفسه وُدّاً من نوع آخر ..

وما حدّثنا به، أثر بي لدرجة كبيرة، وكدت لا أصدقه ..

نعم، أنه نور الله ..

يهدي الله لنوره من يشاء ..

يعقوب : يا شيخي الفاضل، أتصدق أن هذا ما سمعته اليوم من أحد الشبان النصرانيين في جامعتي!

الشيخ : لا اله الا الله، رحمها الله لقد توفيت وهي على دين الحق

يعقوب : كسروا لها اصبعها لأنهم لم يستطيعوا إنزاله

الشيخ : أسأل الله لها الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب

_________________________________

بعد حديثي الخاص مع صديقتي صفاء، حاولت جهدي أن أتغير رغماً عن كل ما كنت أشعر به من حالة غريبة إزاء نظراتنا المتبادلة ..

فكان يمنح روحي طاقة، وتصفو عيوني بنقاء أسود عيونه ..

ولكنّه اليوم غير موجود، لم ألمحه في أي مكان ..

أدعوك يا الله أن يكون بخير، ولا أريد شيئاً آخر ..

رامي : مرحباً

رهف ( مصدومة ) : …

رامي ( بابتسامة ) : هل يمكننا الحديث قليلاً

لأول مرة منذ أن عرفته، أكون قريبة منه هكذا ..

فدائماً يقف في مكان، و ينظر إلي من بعيد ..

رهف ( عيوني معلقة على السلسلة ) : ماذا تريد مني؟

رامي : كل خير .. أظن أن السلسلة قد أعجبتك

رهف : …

رامي : لماذا لا ترتدي صليباً؟

رهف ( باستنكار ) : لأني مسلمة

أصبتُ بصاعقة عندما رأيته يعلق صليباً، ولكنّي صدمتُ أكثر عندما اعتقد أني نصرانيّة مثله ..

فقدتُ توازني، بل للحظة ما كدتُ أن أفقد الوعي ..

يا الهي ..

رامي ( بثقة ) : وكيف لي أن أتأكد من دينك، فأنتِ لا تتميزين عن بنات ديني بشيء

رهف : لا فأنا من عائلة … ونحن معروفون بديننا الذي ننتمي إليه

رامي : حقاً! وكيف لي أن أعرف عائلتك بدون أن أرى هويتك أو أي وثيقة تثبت ذلك

كان كلامه جارحاً، ومقصوداً ..

خجلتُ من نفسي أمامه، لإني لو حاولت أن أقول له أني أصلي وأصوم وما إلى ذلك من أركان الإسلام، فلن يهمه الأمر كثيراً ..

بل إنها أمور بين العبد وربه، ولا أحد له علاقة بها ..

رهف : لغاية اللحظة لم اعرف ما تريده مني؟

رامي : قلت لكِ كل خير، ما اسمك؟

رهف : … رهف

رامي : اهلا بك، أنا رامي

كان تعارفنا بسيطاً، فلم أعِرهُ أي اهتمام ..

لا أدري إن كان السبب؛ في ما عرفته عنه من معلومة مهمة لحظة لقائي به ..

أم صدمتي بظنه بي، أم أنني فعلا قررت التغيير بداخلي وعزمتُ على تنفيذه اليوم قبل غدٍ ..

رهف : حسناً، يجب أن أذهب

رامي : لا تؤاخذيني على إسلوبي الفظ معك، وأريد أن اطمئنك أنني كنتُ أعرف أنك مسلمة ولم أتعمد الإساءة اليكِ

رهف ( بدهشة ) : كنت تعرف؟!

رامي ( تبسم ) : نعم

زاد حقدي تجاهه، فقد كان يعرف ديني و مع ذلك تجرأ على إهانتي، و التشمّت بي ..

تركته يتكلم وأدرت ظهري لأكمل طريقي التي عزمتُ على سلوكها من اللحظة ..

نعم، سوف أريك من تكون رهف، لا لن تعرفها بتاتاً ..

_________________________________

بعد تفكير عميق، ولاني أجد أن الوقوف في طريق المنكر واجبٌ على كل مسلم ..

عامر : انظر خلفك

إسلام : أين؟

صفاء : بعد اذنك أريد أن أخبرك شيئاً مهماً

وقفت على مسافة منه، بحيث يسمعني دون أن أكون قريبة بشكل ملفت ..

إسلام ( بصدمة و عيونه للجهة المعاكسة ) : تفضلي، اسمعك

صفاء : أريد أن تخبر ذلك الشباب المدعو رامي، بأن رهف مسلمة

إسلام : من رهف ؟

صفاء : هو يعرفها جيداً، يراقبها بكل الأوقات

إسلام : تقصدين تلك الفتاة غير المحجبة التي ترافقكم؟

صفاء : نعم

إسلام : لكنه يعرف أنها مسلمة

لُمتُ نفسي على ما فعلت، فلم أستفد شيئاً سوى أنني حادثتُ شاباً غريباً بموضوع لا يخصني ..

عدتُ أدراجي إلى البيت، ولكن حدث ما لم أتوقعه ..

رهف ( تبكي ) : أنا نادمة يا صفاء، أشعر بنار تأكل جسدي

صفاء ( بصوت حنون ) : لا تقولي هذا، ليس لهذه الدرجة

رهف ( بالم ) : كلا، فأنا غير ملتزمة ومن الطبيعي أن يظنني الناس غير مسلمة

صفاء : يا رهف، هناك كثير من المحجبات لا يمتّن للاسلام بشيء

رهف : أعرف، ولهذا انا كنت أعتقد أن الحجاب ليس كل شيء في الإسلام، فأنا والحمدلله التزم بكل أركانه

صفاء : حسناً دعك من هذا الحديث وقولي لي ماذا تنوين؟

رهف ( بثقة ) : أريد أن أثبت له ما تعنيه كلمة مسلمة حقاً

_________________________________

عامر : ترى ما الذي حدث فجأة لتأتي فتاة مثل صفاء وتتحدث معك بشأنهم؟

إسلام : كاد رأسي أن ينفجر عندما سمعت أسمه منها، كل أفكار العالم خطرت ببالي الا موضوع رامي ورهف

عامر : غداً نعرف منه كل شيء، لا أحب أن أتحدث على الهاتف بمثل هذه الأمور

إسلام : وهو كذلك

بالرغم من أن الموضوع كان غريباً علينا، إلا أنني احترمت ُهذه الفتاة ووجدتُ أن طيبة قلبها قد أتت بها إليّ ..

لكن كان يجدر بي أن لا أخبرها بمعرفة رامي بأمر رهف، لعلها ندمت أنها قدمت المساعدة ..

إسلام ( اضرب راسي بيدي ) : ماذا حصل لي، أكلم نفسي من شدة التفكير ولا أملك أدنى جرأة لاتقدم بتلك الخطوة التي تشغلني منذ زمن

_________________________________

فضلت أن أستغل وجود صديقاتي بالمصلى، لأفاجئهن بي ..

لكنّي تذكرت أن هذا لا يهم، بقدر نيتي الخالصة لوجه الله ..

فأنا لا اعمل شيء لأرضي البشر، أو أنال اعجاب أحد ..

صفاء : ما بال رهف لما تأتي لصلاة الظهر؟

هبة : ربما مشغولة بشيء ما، أو معذورة بعذر شرعي

صفاء : أسأل الله أن تكون بخير

إيناس : هل حدث معها شيء جديد بخصوص رامي؟

صفاء : لا أدري خجلت من سؤالها

هبة : يجب أن نطمئنَّ عليها، فلا أحد من صديقاتها يمكن أن ينصحها بشأن ذلك الامر

إيناس : هاتفيها يا صفاء كي لا يظهر لها أننا نعرف بموضوعها

هبة : نعم هذا صحيح، فقد صارحتك انت وحدك

فتحتُ باب المصلى، وظهرتُ لكل من فيه ..

صفاء : انظرن باتجاه الباب

هبة / إيناس ( بدهشة مغمورة بالفرحة ) : رهف!!

رهف ( بخجل ) : نعم أنا هي

صفاء ( فتحت ذراعيها ) : مبااارك يا عزيزتي، تبدين بغاية الجمال

هبة / إيناس : تبارك الرحمن بما خلق، اللهم صل عسيدنا محمد

رهف : شكراً لكنّ، فانتنّ من كنتنّ خير رفيق في الدنيا، وأسأل الله أن يجمعنا في الجنة

إيناس ( بحب ) : وكما نقول

صفاء / هبة / رهف / إيناس : معاً نرتقي وفي الجنة نلتقي

كانت تهنئة الفتيات لي بغاية الرقي والمحبة الخالصة، فأثبتوا لي جميعاً أن لا شيء كان يحول بيني وبينهم سابقاً ..

أما اليوم فأنا أكثر رضى عن نفسي، وعزمتُ أن أمثّل الفتاة المسلمة بالصورة التي امرنا الله بها ..

_________________________________

يعقوب : أظن أنها اسلمت سراً

عامر : الله أعلم

يعقوب : ما رأيك يا إسلام؟ أنا متحمس جداً لأبشّر رامي بهذا الشيء فقد يؤثر فيه

إسلام : ليس بهذه السهولة، ربما ينقل هذا الخبر لأهل المتوفيّة ونسبب أضراراً

عامر : يا إسلام أضراراً مثل ماذا بالله عليك! هل سيخرجوها من قبرها ويعذبوها مثلاً ؟

يعقوب : أنت لست على ما يرام، هناك شيء ما متغير فيك

عامر : …

إسلام : … ربما بسبب الضغط الدراسي

يعقوب : أتمنى ذلك

_________________________________

تجمعنا بقاعة لحضور محاضرتنا الاخيرة لهذا الفصل، وكانت الاجواء حماسية تضم معظم طلاب الدفعة ..

وقبيل قدوم المحاضر، سمعنا صوتاً بدأ يعلو رويداً إلى أن وصل لمسامع الجميع ..

رمزي : نعم شاهدتها تحادثه وتهمس له

جوزيف : وما كان الموضوع؟

رمزي : لا شك أنها تحاول الإيقاع به، فما من أحد سيطرق بابها وهي في تلك الخيمة السوداء

جوليا ( بخبث ) : بالرغم انها جميلة، لا أدري لماذا تخفي هذا الجمال

رمزي ( بسخرية ) : لأنها اذا لم تغطيه فسوف يأكلها الذباب مثل الحلوى المكشوفة

جوزيف : هههههههه

لم يكن كلامهم واضحاً، لكنّ نظراتهم كانت تتجه عليّ وعلى إسلام، بالتبادل ..

عامر ( بغضب ) : سأقطع لسانك أيها الوغد، من انت لتلقي بمثل هذه التهم على فتيات المسلمين؟

إسلام ( أمسك بيده وأعاده إلى مكانه ) : لا تغضب واكظم غيظك، لأنه لا يستحق أن تخالف وصية رسول الله

عامر : ولكنه يقصدكما

رمزي : هههههه أراك لا تملك حججاً هذه المرة لتحاجني بها

إسلام : أفعلت الذي فعلته من أجل أن أناقشك؟ ههههه بدأت تثير شفقتي

يعقوب : يبدو أنك لم تعد مقتنع بمنهجك، اخبره يا إسلام ببعض من الدلائل القرآنية وأرح مسامعنا بعد ذلك الهراء

_________________________________

حضر مدرس المادة، ووجد القاعة على هذا الحال من التوتر ..

ودخل رامي وسوزي سوية معه ..

الاستاذ : ما الخطب؟

عامر : أخبره يا رمزي

رامي : يبدو أن رمزي وشبان المسلمين في جدال حاد يا استاذ

رمزي : وهل أنت معي أم معهم؟

رامي : …

استاذ : حسناً، أغلقوا النقاش حتى تنتهي المحاضرة فلم يبقَ معنا وقت لنضيعه

سكت الجميع، وبدأت المحاضرة ..

كان رامي يجلس لوحده بعيداً عن جميع اصدقائه، أما سوزي جلست بجانب جوليا ولم تكن على ما يرام ..

وانا فقد كنت أموت من هول ما سمعت اليوم، وعزمت على أن أسمع جوليا بعد الكلمات، قبل أن توقفني نصيحة إسلام لعامر ..

نعم، سأكظم غيظي واحتسبه عند الله ..

الاستاذ : وهكذا نكون قد انهينا منهجنا، اسال الله لكم التوفيق

قاطع الاستاذ طرقات خفيفة على الباب، ودخلت الطارقة ..

الاستاذ : تفضلي، من تريدين؟

رهف ( بخجل ) : اعتذر، لكن يجب ان اعيد هذا الكتاب لصديقتي

نظرات الجميع كانت مصوبة عليها، ظنوا أنهم يحلمون عندما راوا رهف بلباسها الملتزم ..

_________________________________

عامر ( عيونه على رامي و يهمس لي ) : انظر كيف يبتسم رامي لها

إسلام : الحمدلله شعرت بفخر كبير عندما رايتها

رمزي ( من بين اسنانه ) : اللعنة، ما الذي حصل لعقل هذه الغبية؟

جوليا : شعرت كأنّ ناراً تأكلني حين رأيتها بهذا اللباس

سوزي : …

جوزيف : يبدو أن تلك المجموعة تاثيرهنّ قوي جداً

لم استنكر ما فعلته رهف، يبدو أن كلامي اثر عليها إيجابياً ..

لكنّي لازلت مشوشاً، وأنتظر جواباً مقنعاً من إسلام وصديقيه ..

_________________________________

هبة : شكراً لك يا أستاذ، كنت خير معلم لنا سنذكرك دائماً

الاستاذ : بارك الله فيكم، لم أقدم سوى واجبي

رمزي : لا تنسي أن تدعي الهك جيداً حتى يخبرك أسئلة الامتحان

الاستاذ ( بصدمة ) : ما هذا الهراء؟!

يعقوب / إسلام / مراد / رامي : ههههههه

هبة ( باستياء ) : شر البليّة ما يضحك فعلاً

الاستاذ : ماخطبك يا رمزي؟ أتتجرأ على ربك

يعقوب : لادين له، فهو ملحد

رمزي ( يوجه كلامه ليعقوب ) : ليس من شأنك، أكمل تنظيف أسنانك بذلك العود الذي تقرفنا به ليل نهار

#واقعي

الاستاذ ( بهدوء ) : لنفترض أن هناك سفينة بعرض البحر، تواجه الأمواج وتتخبط بينهم، وأخبرك أحدهم أن ليس فيها قبطاناً يقودها بمثل هذه الحرفيّة، أتصدق؟

رمزي : مستحيل، ستغرق حتماً

الاستاذ ( يتابع بثقة ) : قِس ذلك على مستوى كون بأكمله، بكل ما فيه من مخلوقات، قل لي كيف سيكون حاله بدون شيء خارق يتحكم به؟

إسلام : من خلقه أصلا؟ هل من الممكن أن يكون قد وجد من العدم، عذراً على المقاطعة استاذي

الاستاذ : لا بأس، أنتظر إجابة رمزي

رامي : ههههه ليس عنده جواب

رمزي ( بسخرية ) : لتجبني أنت اولاً

الاستاذ : عن ماذا؟

رمزي : لنفرض أنني صليت وقرات القرآن وعملت كل ما عليّ من واجبات وذهبت إلى فراشي كي أنام، ثم دعوت الله أن ينطفأ النور، هل سينطفيء؟

الاستاذ ( يكتم ضحكته ) : اخبرني أنت أولا ما العلاقة بين الصلاة والقرآن واطفاء النور؟

جوليا : ألست تتدعي أن الرب قادر على كل شيء، دعك من النور، لماذا هناك احتلال على مقدساتكم وتدعون ربكم بأن يفرجها عليكم ومضى سنوات طويلة على ذلك ولم يتحقق شيء

الاستاذ : نعم الله قادر على كل شيء، لكن الدنيا دار ابتلاء، خلقنا الله وميزنا بالعقل عن سائر مخلوقاته لذلك نحن مُخيّرون ولسنا مسيّرون، أين كان عقلنا عندما سمحنا لهم بأن يحتلونا؟ أين عقلنا عندما سمحنا لأنفسنا أن نتعايش معهم ونقبل بوجودهم؟ كل ذلك يعتمد على العقل، وسنحاسب يوم القيامة عن كل شيء وهذا هو هدف يوم القيامة لأن البشر حملوا الأمانة وسيحاسبوا على كل كبيرة وصغيرة، كل مظلوم سيأخذ حقه ممن ظلمه، وقيسي على ذلك كل امور الدنيا

رامي : … وعذاب القبر ما شأنه؟

الاستاذ : عذاب القبر هو أول ما يواجه الانسان بعد الموت، وعلمه عند الله، وخصّ به الكافرين يعذبون بسبب جهلهم بالله، وعدم طاعتهم لأمره، وارتكابهم المعاصي، فلا يعذب الله روحاً تعرفه، وأحبته وتطيع أمره، واجتنبت ما نهاه، فعذاب القبر، وعذاب الآخرة نتيجة غضب الله وسخطه على عباده الكافرون والعصيان لأمره، فمن يغضب الله في الحياة الدنيا، ولم يتب ومات وهو على ذلك، كان له من عذاب القبر، وذلك بقدر غضب الله وسخطه عليهم

أنتهى وقت المحاضرة، وخرج الاستاذ وترك ورائه رمزي وامثاله يتخبطون في تفكيرهم الأعمى ..

_________________________________

إسلام : كيف حالك اليوم؟

رامي : بخير، وأنتم؟

عامر : بأحسن حال

رامي : هل رأيتم رهف؟

يعقوب : استغفر الله، كفّ عن ملاحقتها لم تعد مثل ما عرفتها ولا أعتقد أنها تنتبه اليك

إسلام ( بثقة ) : أظنك تنتظر إجابتنا عن سؤالك

عامر : …

يعقوب : …

رامي : ما بكم؟ هيا أخبروني ما خطب تلك المراة؟

إسلام : أريد أن أسمعك شيئاً، وبعدها تستطيع أن تختلي بنفسك وتفكر جيداً

رامي : تفضل

بعد مواجهتنا لرمزي، أردت أن أكسر ذلك الحاجز الذي يحول بين رامي وبين الحقيقة ..

ذهبنا إلى مكان هادئ، وجلسنا وحدنا ..

إسلام ( اغمضت عيني وبدأت أسترجع حفظي للآيات وأتلوها بصوتي ) : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)

#واقعي:

رامي : … لماذا تخبرني هذا الكلام؟

إسلام : لم أنهي كلامي بعد

رامي : …

إسلام : لنفرض أنه سبحانه عنده ولد كما تزعمون، لماذا لا يكون له أولاد غيره؟ أليس من يحب الأولاد وينجبهم يُحِبُّ ان يكون لديه أكثر من ولد واحد

رامي : …

إسلام : النبي عيسى هو معجزة إلهية، والله اصطفاه هو وأمه السيدة مريم، وفضله على العالمين لأنهما -عليهما السلام- مؤمنين بربهما وعانا من بني اسرائيل الكثير، سأخبرك بكل قصتهما لاحقاً، ولأنك سألتنا عن ما حدث مع تلك المراة، فإن علمها عند الله إن كانت قد أسلمت وأخفت إسلامها

رامي : هذا ما فكرت فيه حتماً

إسلام ( تنهدت عميقاً ) : أعلم أنه ليس هيناً أن تغير دين آبائك وإن كان خطئاً، لكنّ الله وهَبَك عقلاً لتفكر به، وتحاسب بسببه يوم الحساب

تركني رامي بعد أن تغيرت ملامحه، وظهر عليها الدهشة مما سمعه مني ..

في كل الأحوال الهداية بيد الله، وما علينا إلا البلاغ ..

_________________________________

هبة : ماذا دهاكِ، من اين أتيتِ بهذا الكتاب؟

رهف ( بخجل ) : سامحيني لم اقصد ازعاجك

هبة : لا لا لم أقصد ذلك

صفاء : ما فعلته رهف كان بغاية الذكاء اليوم

إيناس : نعم، وجئتِ بوقت مناسب، كأن الله أرسلكِ للقاعة

رهف : ما الخطب؟

هبة : كان أحدهم يوجه الاتهامات للمسلمات بأنهن يتحجبن مثل الحلوى التي نغطيها عن الذباب

رهف : ما هذا الهراء؟ فالحجاب فرض مثل الصلاة ولكنه يُفرض منذ بلوغها

إيناس : بارك الله فيكي، وليس أي حجاب، يجب أن يكون فضفاضاً و يستر الجسم كله، ولايشف ولا يصف ويغطي الشعر كاملاً والأخمصين

_________________________________

أنا فعلاً أفكر كثيراً ليس فقط من أجل ما حدث مع المتوفية، ولا من أجل رهف، فهما مجرد حادثان واجهتهما في طريقي الذي أسلكه باتجاه الحقيقة ..

بحثي الدائم عن أسباب معارضين الدين الإسلامي، ومحاربتهم له، بثّ في نفسي فضول عن هذا الدين ..

وقد وضع الله في طريقي ثلة من شبابهم، الذين استطاعوا إثبات أن لهذا الدين حماة أشاوس ..

بحثتُ مطولاً على شبكة الانترنت، وشاهدتُ كل ما لم اجرؤ على مشاهدته او سماعه من قبل ..

سمعتُ مناظرات بين المسلمين والنصارى، ووجدت انهم الغالبون دوماً ..

_________________________________

مرّ على جلستنا أكثر من عام ونصف العام، خلال هذه الفترة تخرجنا من الجامعة والتفت كل منا إلى مستقبله..

لكن لازال قلبي يخفق كلما تذكرتُ نظراته ودموعه التي تغرغرت بين أجفانه؛ عندما تلوتُ له بعض آيات سورة مريم ..

إسلام ( بلهفة ) : السلام عليكم

رامي : وعليكم السلام، اعتذر على اتصالي في هذا الوقت

إسلام ( مقاطعه ) : على الإطلاق، لقد سررت جداً لسماع صوتك، كيف هي أحوالك؟ اخبرني

رامي : الحمدلله

إسلام : دائما وأبداً

رامي : … أتذكر حديثنا؟

إسلام : والله ما أضحيت في يومٍ إلا وكان مشهد تلك الجسلة حاضراً في ذهني

رامي : أخبرني إذاً، ماذا يترتب عليي إن أردت أن اعتنق الإسلام

من هول ما سمعت، أخذت أكبّر، وأصدح في صوتي، بل إن دموع فرحٍ تساقطت من عيني ..

طلبتُ منه أن يأتي اليّ، وأخذته إلى أحد المساجد، وكان الموقف أشبه بالعيد من جماله ..

اغتسل ونطق الشهادتين ..

_________________________________

” أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله “

ياااه، كم هي جميلة هذه العبارة، لم أكن اعلم بأن لها سحراً خاصاً عندما أنطقها ..

سبحانك يا رب، نزهت نفسك من العيوب والنقص، ولم تلد ولم تولد ..

إسلام : اليوم ولدت من جديد يا أخي، فالله يغفر لك كل ما في صحيفتك، وكأنك ولدت اليوم

رامي : لا أجد ما أقوله لك يا أسلام، فقط أتمنى أن أكون مسلماً مثلك

إسلام : لا ستكون مسلماً متميزاً، اعقد النية لذلك واحتسب الأجر عند الله

” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ  “

كم من مسلم اليوم سيجدد النية الخالصة لوجه الله، ليكون مسلماً متميّزاً يحمل أمانة ربه ويبلغ رسالته التوحيدية؟

_________________________________

عامر ( بفرح ) : الله أكبر، الله أكبر

يعقوب : كل الفضل لله الذي وضعك في طريقه، وجعلك سبباً في هدايته

إسلام : فرحتي لا توصف، لكني أخاف عليه من موقف عائلته، ترى ماذا سيحدث؟

عامر : هل أخبرهم ؟

إسلام : قال لي سيذهب بعد أن ينهي عمله اليوم

كان الموقف صعباً، وأعصابي مشدودة، ليس لأنني خائف منهم، لكن حبي لهم فاق الوصف ..

ميرنا : أهلا بك، ستذهب معنا للقداس غداً؟

رامي : … لا

أبو رامي : منذ زمن لم تذهب إلى الصلاة في الكنيسة، هل هناك خطب يقلقك؟

رامي : ليس يقلقني، ولكن هناك شيء أريد أن أحدثكم فيه

أم رامي ( بلهفة ) : تريد الزواج؟

رامي : لا ليس هذا الموضوع، بل شيء أهم

ميرنا : تلفت أعصابي من منظرك، أخبرنا بسرعة

رامي ( اغمضت عيني وأستعنت بالله ) : أنا .. لا أحب الذهاب

أبو رامي : لم أفهم!

رامي : أقصد أنني لم اعد مقتنع بشيء

أم رامي ( بعيون جاحظة ) : لماذا؟ لقد كنت تطمح ان تصبح قسيساً في صغرك وتقدم الخدمة للرب

رامي ( تنهدت بقوة ) : لكنّي لم أعد صغيراً يا امي، كبرت وأصبحت أرى بعقلي

نظروا إلى بعضهم البعض، وكأنهم فهموا ولا يريدوا أن يصدقوا أفكارهم ..

أبو رامي: لا يا بنيّ، نحن نعرفك جيداً ومؤمنون بأن يسوع يحميك

رامي : يا أبتي، لو تعلم كم أحمل في قلبي حباً لكم، وأتمنى منكم أن تسمعوني للنهاية

قصصت عليهم بهدوء ما حملته في قلبي، وحاولت بكل ما أوتيت من قوة أن اوصل لهم الفكرة ..

ميرنا ( تصرخ ) : لا لا، إياك أن تكمل

رامي : لماذا؟ هل نسيتي ما قالته لك أم حنا عندما سالتي عن يد قريبتها المكسورة؟

مرينا : …

أبو رامي : لا أريد أن أسمع المزيد، بل سأعتبر نفسي لم اسمع شيئاً من هذا الهراء

رامي : شئتم أم أبيتم أنا أعلنت اسلامي، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

خارت قوى أمي وفقدت الوعي من صدمتها، وأبي ينظر إلي ولم ينبسّ بحرف واحد وأخذ يهتم بأمي ..

أما أختي فاضت دموعها وأجهشت بالبكاء، ثم صرخت في وجهي ..

ميرنا ( بغضب ) : كيف تجرؤ على قول هذا أمامنا؟ هل أصبحنا غرباء عنك لهذا الحد ولا تهمك مشاعرنا

رامي : اهدئي، أعلم أنكم ستكرهونني وتنبذوني لكنني والله جئت لأني أحبكم وأريد أن أعرض عليكم الإسلام

أبو رامي ( بصوت مرتفع ) : اخرج من بيتي

رامي : صدقوني إنه الدين الحق، وما أنتم عليه إلا بهتان عظيم

لم يستطع والدي السيطرة على نفسه، وأخرجني بالقوة من البيت، حتى دون أن يسمح لي بأخذ أي شيء من خصوصياتي ..

حتى مفتاح سيارتي نسيته، ولن أحصل عليه مجدداً ..

لا أدري إن كان ذلك عدلاً أم لا ..

_________________________________

إسلام : أعلنوا تبرئتهم منك؟!

رامي ( بغصة ) : صحيح فأنا لم أعد منهم، وهذا شيء متوقع يحكمه علينا رجال الدين في الكنيسة

إسلام ( بتردد ) : نحن أيضاً .. أقصد من يرتد وجب قتله

رامي : لا تقارن، فالإسلام هو الصواب بعينه

إسلام ( مبتسم ) : كم أنا فخور بك، لا أريدك أن تقلق من أي شيء فأنا بجانبك وكل عائلتي أيضاً

رامي : جزاكم الله عني كل خير

_________________________________

بعد سنة >>

مضى وقت طويل وأنا أحاول النسيان، وجاهدت نفسي عليه، في سبيل رضى الله سبحانه وتعالى ..

كل البدايات صعبة، لكنّها تصبح سهلة شيئاً فشيئاً ان شاء الله، مع ترسيخ الوازع الديني في قلوبنا ..

أدعو الله في كل حين ” يا مُقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك ” ..

فأنا على يقين بان الله سيعوض كل مؤمنٍ بعد صبره، إما في الدنيا أو في الآخرة ..

أم رهف : هل أنتي مستعدة يا ابنتي؟

رهف ( بثقة ) : مستعدة يا أمي، انظري إليّ كيف يبدو مظهري؟

أم رهف : أنتي متالقة دوماً، هيا فالجميع بانتظارك

بعد تخرجي بأشهر، توظفت في إحدى المدارس بوظيفة تناسب شهادتي الجامعية ..

واليوم جاء لخطبتي شاب اهم ما يميزه التزامه الديني، ويبحث عن زوجة له بين فتيات المجتمع الأكثرهن التزاماً ..

وبعد تفكير عميق، ودون أن أتردد بالاستخارة لربي، تمت أمور خطبتنا وعقدنا القران بفضل الله ..

_________________________________

أتسائل في نفسي فيما إذا كانت رهف تذكرني بعد هذه السنين، فهي لم تفارق مخيلتي بتاتاً، لكن من أين لي أن ألتقي بها ..

لكن أنا اليوم شخص مختلف، وعاهدت الله ثم نفسي أن أكون ممن يشار له بالبنان أنه مميّز وفخراً لكل من يعرفه ..

وأسال الله ان يثبتني على دين الحق، ويربط على قلبي، ويهدي عائلتي التي أشتاق ..

تمت بحمد الله